
بعد حل مجلس الأمة الكويتي في ديسمبر 2011 أُجريت الانتخابات البرلمانية الرابعة عشر في تاريخ الكويت يوم الخميس 2 فبراير 2012 بعد حملات انتخابية عنيفة للمرشحين.
أزعم بأنني أتفهّم أن يُطلق بعض المرشحين في الكويت عدداً من الشائعات تفويت فرصة التقدم على منافسيهم الأوفر حظاً، وبالتالي استمالة الناخبين باتجاه أسماءهم يوم الاقتراع، كجزء من لعبة الانتخابات المشروعة في العالم كله.
لكنني متيقنة من أن انتخابات هذا العام في الكويت 2012، كانت "الأبشع" على الإطلاق، إذ كانت معتمدة في مجملها على تحريك "الدمى المرشّحة" لإطلاق سيول من البذاءات والسباب والشتم والاتهامات بشكل غرائبي لم تعتده الساحة السياسية في الكويت، ولا المجتمع كمكوّن إنساني!
ولعلّ وجود قنوات فضائية كويتية "خاصة" مملوكة لعدد من التجار وبعض أبناء الأسرة الحاكمة، جعلت المنافسة الإعلامية ساحة معركة لفظية غير متعادلة الفرص، فمن يملك "منبره" الخاص يُحسن استخدامه كل الوقت ضد الآخر الذي لا يشبهه فيتحيّن الفرصة للفتك به كلاماً وأحياناً فعلا!
فالنقل الحي والمباشر من مقرّات المرشحين (التي تدعمهم تلك القنوات) على اختلافهم، ساهمت بوصول رسائلهم اللفظية بشكل واسع لأكبر عدد من الجماهير بمختلف مستوياتهم الفكرية، والتي تلاقي ردود أفعال غير متوقعة نتلمّسها عبر متابعة وسائل الاتصال الحديثة / السريعة "الفيسبوك والتويتر" مما يزيد الطين بِلّة!
بل الأنكى، بأننا كناخبين لم نحظ بأي فكرة عن مشاريع هؤلاء المرشحين وخططهم القادمة إذا ما "وصلوا" لمجلس الأمة، فقد كرّسوا أيامهم في الطعن والبذاءة والشتم تجاه من ينافسونهم في دوائرهم الانتخابية أو مع من يختلف وفكرهم حتى ولو كان خارج إطار المنافسة!
والفضائيات تنقل كل ما يُهرق عبر ميكروفوناتهم دون مونتاج لأكبر شريحة ممكنة في ساعات الذروة والمشاهدة العالية، ولعلّ ردّ الفعل الأخير لكل ما سبق هو "إشعال النار" في المقر الانتخابي لأحد المرشحين الأكثر إثارة للجدل في انتخابات هذا العام بعد أن شتم علناً لقبيلة "مطير" وهي القبيلة الأكثر حضوراً في الكويت من بين فئات القبائل.
ولعلّ الردّ بالحرق والإتلاف هو الشرارة الأكثر وضوحاَ لنزاع طائفي / قبلي بين أطياف المجتمع الذي يدعي دوماَ بقبوله الآخر، وهو رسالة واضحة للتفريق بين من يستحق أن يقول كلمته وبين من يستخدم يديه / سلطته للردّ.
ومن بين كل ذلك، تبزغ حقيقة واحدة مؤسفة وهي ضياع هيبة القانون وتكريس لسلطة الأقوى بعيداَ عن روح الدستور الذي تغبّشت مواده بين النزاعات. وهذا ما يرعبنا مما هو قادم.
ميس خالد العثمان
روائية - الكويت