
ثورة الرابع عشر من جانفي/كانون الثاني ورغم أنها أعادت الوحدة إلي شباب تونس من أجل الإطاحة بنظام الرئيس السابق بن علي، إلا أنها وبعد مرور أكثر من سنة عن اندلاعها كرست ما يعرف اليوم بالانقسام داخل الجامعة التونسية .وتنامي فتيل الصراعات بين الطلبة بسبب الاختلافات السياسية والعقائدية.
يظهر هذا الانقسام من خلال بروز شقين رئيسيين داخل الجامعة؛ شق يرفع راية الإسلام ليعبر عن دعمه للحركات الإسلامية المتمسكة بالسلطة الآن، وشق يرفع راية الوطن ويعبر عن مساندته للحركات اليسارية. إلي جانب الطلبة المستقلين الذين لا هم لهم سوي الدراسة.
الطرفان انصهرا داخل منظمتين نقابيتين مهتمتين بالدفاع عن حقوق الطلبة وهما الاتحاد العام لطلبة تونس الذي تأسس في 1952 وتواصل نشاطه في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ويضم الطلبة اليساريين؛ والمنظمة الثانية هي الاتحاد التونسي للطلبة -الذي تأسس في 1985 وتوقف نشاطه بعد وصول بن علي إلي السلطة نظرا للقمع الذي تعرض له أنصاره من قبل النظام- ويضم الطلبة الإسلاميين .
من أبرز أسباب ذلك الانقسام سعي الاتحاد التونسي للطلبة إلي لملمة جراحه والعودة إلي النشاط في الساحة الطلابية في ظل رفض قاطع من أبناء الاتحاد العام لطلبة تونس للتعددية النقابية داخل الجامعة بحجة أنهم وحدهم قاوموا نظام بن علي؛ وهو ما دفع كل طرف إلي حشد أنصاره لمواجهة الطرف الأخر مما أدي إلي نشوب شجارات وصلت إلى حدود الاعتداءات الجسدية مثل ما حدث في كلية الآداب بجامعة سوسة وسط البلاد في السادس عشر من جانفي/ كانون الثاني 2012 .
كذلك قد يعود الانقسام إلي سعي الأحزاب السياسية إلي استقطاب فئة الشباب وخاصة الطلبة نظرا لقوة تأثيرهم في المجتمع وباعتبارهم الوقود الذي سيواصل اشعال الثورة وذلك من أجل وصول تلك الأحزاب إلي السلطة.
هذا التسييس الذي كرس تباعدا في الأفكار والتوجهات بين الطلبة يرفضه عدد كبير من أبناء الجامعة لأنه يذكرهم بما اعتمده نظام بن علي من "سياسة فرق تسد" من خلال تأسيسه لخلايا طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي الموالين للنظام في كافة الجامعات ودعمه لنفوذهم بشتى الطرق حتى إنه وضع البوليس السياسي لحمايتهم.
من جهة أخرى أعاق الانقسام الطلبة عن التفكير في مشاكل أخرى أساسية مثل إصلاح نظام التعليم لضمان حقهم في شهادة جامعية تضمن لهم فرص تشغيل أو متابعة نتائج الثورة التي لا تزال مجهولة.
وتجدر الإشارة إلي أن البعض يحمل حزب حركة النهضة الإسلامي المتمسك بزمام السلطة اليوم مسؤولية المساهمة في انقسام الجامعة لأنه ينتهج سياسة النظام السابق من خلال إعلانه عن تأسيس فصيل شباب حركة النهضة في الجامعة أي طلبة حركة النهضة في الجامعة.
غازي المبروك، 21 سنة، طالب بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار في تونس العاصمة. بعد ثورة الرابع عشر من جانفي (يناير) أسس غازي وعدد من زملاء الدراسة مجلة الكترونية اسمها "الكلمة الحرة". ويقول غازي عن المشروع: "كان التمويل ذاتيا، ونظرا لأننا طلبة ونخصم المال مما يقدمه لنا آباؤنا أسبوعيا، فقد كنا نضطر أحيانا لتوفير حق الغذاء حتى نسافر ونغطي الأحداث في مناطق مختلفة من الجمهورية. كانت تجربة رائعة". لكن ضعف الموارد المالية أدى في النهاية إلى توقف الجريدة.